الانتفاضة في الأدب الفلسطيني


بقلم : زيــاد مشهور مبسلط إنّهـا انتفاضــــة الأقصــــــى المباركة ... انتفاضة المسجد الأقصى الذي قال فيه سبحانــــــــه وتعالى في محكم التنزيل : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله ) ( سورة الإسراء / الآية 1 ) وقال فيه سيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ؛ المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) وقد تفجرت هذه الأنتفاضة بعد أن دنّس ( ارئيل شارون ) ساحات المسجد الأقصى بزيارته المشئومة في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر ( أيلول ) عام 2... م ، هذه الأنتفاضة المجيدة التي غسلت بدماء ما يزيد على ثلاثمائة وعشرين شهيدا وستة عشر الف جريح هذا الدنس الصهيوني الأرهابي الأجرامي الشيطاني لتبقي على ذرات تراب ساحات الأقصى تتراقص فخرا واعتزازا بعمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) فاتحــــــــــــــا ، وصلاح الدين الأيوبي محــــــــــــrobat/reررا . لقد تركت أثرها في كل شيء ، وفي كل جانب من جوانب حياتنا . وبما أن الأدب الصادق والملتزم هو المرآة الحقيقية لهموم وآمال وطموحات وتاريخ الشعوب ، فكان لابد لهذه الانتفاضة أن تترك بصماتهـــــــــا وآثارها على الأدب الفلسطيني بكافة أشكاله وصور تعابيره وعطاءاته من شعر ، قصة ، رواية ، مسرحية و مقالة .. الخ . واننا نستعرض في هذه العجالة ، وبشكل موجز ، الانتفاضة في الأدب الفلسطيني ؛ وبعبارة بسيطة ، تتبادر الى أذهاننا في الوهلة الأولى ، يمكننا القول بأن الانتفاضة حددت وجسدت وادخلت مفردات الى معجم الأدب الفلسطيني ، مع العلم أن كلمة ( انتفاضة ) أثبتت نفسها ككلمة ثورية معجمية تعبيرية كاملة في كل لغات العالم ، ومنها الأنجليزية التي تعبر عن الأنتفاضة في الصحافة المرئية والمسموعة والمقروءة بكلمة ( INTIFADAH ) . وبهذا ، فكان لابد من ترسيخ مفردات الأنتفاضة في معجم الأدب الفلسطيني . فالأنتفاضة ، اذن ، أدخلت مفردات ربما لم تكن جديدة على لسان الشارع الفلسطيني ، بل تجسدت بمعاني اكثر عمقا وتعبيرا ، وتبلورت صورا نضالية يعبر عنها بأشكال ادبية جمالية مختلفة ، ومنا على سبيل المثال لا الحصر ، القدس ، الأقصى ، الشهيد ، الجريح ، العريس الشهيد ، الحجر ، الطفل ، الصمود ، التحدي ، المجزرة ، المذبحة ، الزيتون .. الخ . إن التعبير عن القــدس أخذ ابعادا تاريخية ودينية ؛ حيث يشار اليها بكل تأكيد بأنها عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة ، المدينة التي بني فيها ثاني مسجد على الأرض على يد سيدنا ابراهيم ( عليه السلام ) ، المدينة التي فتحها عمر بن الخطاب وحررها صلاح الدين الأيوبي من نير الأحتلال الصليبي . أما المسجد الأقصى ، فيتم التعبير عنه بأنه اولى القبلتين وثالث الحرمين ، الأرض المقدسة التي بارك الله حولها ، أرض الأسراء والمعراج ، والقدسية والبركة والطهارة ، والمسجد الذي يحاول الصهاينة جاهدين ، وبكل الأساليب والوسائل الخبيثة ، هدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه ، والذى يسمونه ( هيكل سليمان ) . والشهيــد ، الذى لاتخلو قصيدة او مادة ادبية من الأشارة اليه بدمائه الزكية التي تعطر ارض فلسطين الحبيبة ، وغالبا ماتربط الأعمال الأدبية اسم الشهيد بأسم العريس ليتم التعبير عنها ( العريس الشهيد أو الشهيد العريس ) . وقد جسد الأدب الفلسطيني ذلك استلهاما من ارض الواقع بذلك العريس الشهيد الفلسطيني الذي رفض البقاء مع عروسه ليحظى بحورية من حواري الجنة ، وكان له ما أراده ، وهي الشهــادة . لقد رسم الأدب الفلسطيني للشهيد الصورة الحقيقية المشرقة وهي ان يوم شهادته هو يوم زفافه ، ويكون بكامل سروره وسعادته ، وخاصة وهو يودع امه ، ويدعو الجميع ان يودعوه بالزغاريد . ومن خلال قصيدة بعنوان ( شهيد الأقصى يودع أمه ) ، أقدم امثلة على صور الشهيد في الأدب الفلسطيني : القدس أماه .. أماه .. لاتحزني ودعتك اليوم شهيـدا فداء لقدســي وموطني وهناك اقتران العريس بالشهيد ، مثل : زغردي .. زغردي.. ثم قبلينـــي وابتسامتي ، ان بدت مشرقة لاتعجبي .. لاتعجبي .. فــأنــا العريـس الشهيــد الفلسطيني ويدعو الشهيد مدينة القدس ان تهلل وتكبر لأنه نال الشهاده ؛ والقدس اغلى من دمه ونفسه ، فيقول : اليوم هلّلي وكبّري يــــــاقــدس مال عليك لايغلى و لا دم ..ولا نفـــس وتم التعبير عن الشهداء ايضا بأن أجساهم تدفن تحت التراب ، ولكن لم يمت منهم أحد ، مثل : فمرحي .. و مرحى ومرحى بموت مشرّف يلبي نداء المسجد الأقصى تحت التراب دفنوا ولكن ، لم يمت منهم أحد ماتت أجسادهم ، وأشلاء ممزقه وفوق التراب ظلت مآذن الأقصى ، واسم فلسطين هامات مجد عالية ومشرقه والجريح ، الذى استقبل بصدره العاري الاّ من الأرادة والتصميم على مواصلة الكفاح لنيل الحرية والأستقلال قبل الخبز والماء ، استقبل الرصاص والقذائف الصاروخية فسالت دماؤه على الأرض ، ومازال يواصل المسيرة لينال ما يحلم به ويصبو اليه ، وهو النصر أو الشهادة . وأما الحجر ، فقد تحول من مخلوق صخري جامد الى سلاح تقليدي في زمن غياب او نقص البندقية و الرشاش والرصاصة ليحل محلهما ويقوم بوظائفهما بحيث اصبح سلاحا قتاليا ليكون بالتالي رمزا ثوريا ونضاليا حتى أصبح اسمه يقترن بالأنتفاضة ليعبر عنها أدبيا ( أطفال الحجارة ) ، ( الحجر الفلسطيني ) ، ( حجارة من سجيل ) . وخير وصف وظيفي للحجر في الأنتفاضة مايلي : ايّتها الدنيا ، افيقي واعرفي انّ الحجـــارة أقوى من الرصاص والسيف أمّا الطفل الفلسطيني ، فكان له نصيب الأسد في ادبيات الأنتفاضة ، حيث تحول هذا الطفل من انسان بريء يبحث عن الراحة والطمأنينة والعطف والحنان الى مناضل صغير السن كبير العزم والهمـة والمسئولية بحيث اصبح يعبر عنه في ادب الأنتفاضة بعدة تعابير واسماء منها : ( أطفال الأنتفاضة ) ، ( اطفال الحجارة ) ( الطفل المعجزة ) ، ( الطفل الصامد ) ، ( الطفل الجبار ) .. الخ . هذا الطفل الذي اصبح يواجه الوحشية الصهيونية ، ولكنه مازال صامدا في وجه الشيطان ، وقد صورت ذلك في قصيدة نشرتها الصحف العربية ، وهي بعنوان ( الأطفال في وجه الشيطان ) ، ومنها : ( صورة الصهيوني ) يسرق بسمة طفل ورديّه يقتل .. يذبح ، ويعذّب في همجيــّه يسخر من شيْ يدعى حق الأنسانيــّه ( صورة الطفل الفلسطيني Hمام وحشية الصهيوني ) طفل عربي من تلك الأمه يذبح تحت الشّمس وضمير العالم في غفوه وفي نهاية القصيدة ، تظهر الصورة الحقيقية لهذا الطفل الفلسطيني العظيم في مواجهة البطش الصهيوني : جوع .. عطش .. وحصار سجن .. قتل .. قصف .. ودمار لكن الأطفــال بأرض بلادي صامـدة في وجه الأشرار ومن المفردات التي ادخلتها الأنتفاضة وسجلها الأدب الفلسطيني وعبر عنها كلمة ( مجزره ) والتي تعكس مدى الوحشية الصهيونية بحق ابناء شعبنا الأعزل ، الآ من ارادتهم وعزمهم ، ومثال على ذلك : مجــزرة ... مجزرة .... مجزره .. في كل مدينة ومخيم وقريه ..... ومن خلال متابعتي الدقيقة والمتواصلة لأدب الأنتفاضة فقد تبين لي بأن القصائد الشعرية بالتحديد قد تحوي في Yحدى الأبيات او المقطوعات ، احدى هذه الكلمات بمفردها ، او كلمتين ، أو ثلاث كلمات أو أكثر بشكل جدلي ترابطي تبادل وكل هذه المفردات سواء تأتي وحدها أو مقترنة بمفردة اخرى ، الا ّ انها في النهاية تؤكد على الصمود والتحدي والمواجهة مصممة على النصر والحرية والأستقلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، أو الشهــــــــــاده ، وتم التعبير عن هذه الإرادة بالكلمات التالية : وصوت فلسطين ظل عاليا شامخا صارخا عاش الدم الفلسطيني ها هو العزم الفلسطيني لا ، ولن يموت الثأر الفلسطيني سيقى ، ويبقى الثأر الفلسطيني نعم ، إن هذه الأنتفاضة احتلت المساحة الكبرى في الأدب الفلسطيني بكافة صوره واشكاله . ولكنني ارى بأنه لابد من تفعيل الأنتفاضة في الأدب الفلسطيني ، وتفعيل الأدب الفلسطيني بالأنتفاضة ؟؟ ولكن كيف ذلك .. ؟؟ بالنسبة لتفعيل الأنتفاضة في الأدب ، فلا بد من الأستفادة من الأمكانات التكنولوجية الهائلة في عالم الأتصالات ؛ أي نشر أدب الأنتفاضة من خلال كافة الوسائل الأعلامية العربية المرئية والمسموعة والمقروءة كأن يكون هناك مثلا صفحات لأدب الأنتفاضة ، مع العلم انه سبق وان كان في الصحف العربية اثناء الأنتفاضة السابقة صفحة اسبوعية بعنوان ( صفحة الأنتفاضة ) تصدر في عدة صحف عربية في يوم واحد تعني بأدبيات الأنتفاضة ، هذا بالأضافة الى القنوات الفضائية العربية التي تغطي كافة اصقاع المعمورة على مدار الساعة ، وكذلك الأستفادة من شبكة الأنترنت العالمية في نشر ادبيات الأنتفاضة . أما عن تفعيل الأدب الفلسطيني بالأنتفاضة ؛ فهو إثراء أدبنا الفلسطيني بالصور والأحداث البطولية لأبناء شعبنا العظيم من رجال ونساء وشيوخ واطفال وذلك بتجسيد هذه الملاحم البطولية بكل اهتمام في صور شعرية وقصص وروايات ومسرحيات .. الخ ، لأنه في حقيقة الأمر ما يحدث في ميدان الأنتفاضة يعجز عن تخيله وتصوره فحول الشعراء وأساطين الأدباء والكتاب ... وخير من يعبر عن هذه الأنتفاضة بكل صدق وعمق هو أدبنا الفلسطيني الذي يعيش ويعايش ويؤثر ويتأثر بهذه الأنتفاضة المباركة والمجيدة .
أضف تعليقك